ومن غريب أصول العشق أن تقع المحبة بالوصف دون المعاينة، وهذا أمر يترقى منه إلى جميع الحب، فتكون المراسلة والمكاتبة والهم والوجد والسهر على غير الإبصار، فإن للحكايات ونعت المحاسن ووصف الأخبار تأثيراً في النفس ظاهراً.
وأن تسمع نغمتها من وراء جدار، فيكون سبباً للحب واشتغال البال. وهذا كله قد وقع لغير ما واحد، ولكنه عندي بنيان هار على غير أس، وذلك أن الذي أفرغ ذهنه في هوى من لم ير لا بد له إذ يخلو بفكره أن يمثل لنفسه صورة يتوهمها وعيناً يقيمها نصب ضميره، لا يتمثل في هاجسه غيرها، قد مال بوهمه نحوها، فإن وقعت المعاينة يوماً ما فحينئذ يتأكد الأمر أو يبطل بالكلية، وكلا الوجهين قد عرض وعرف، وأكثر ما يقع هذا في ربات القصور المحجوبات من أهل البيوتات مع أقاربهن من الرجال، وحب النساء في هذا أثبت من حب الرجال لضعفهن وسرعة إجابة طبائعهن إلى هذا الشأن، وتمكنه منهن. وفي ذلك شعراً، منه:
ويا من لامني في حب من لم يره طرفي
لقد أفرطت في وصفك لي في الحب بالضعف
فقل هل تعرف الجنة يوماً بسوى الوصف
وشعرا أخرا في مخالفة الحقيقة لظن المحبوب عند وقوع الرؤية:
وصفوك لي حتى إذا أبصرت ما وصفوا علمت بـأنـه هـذيان
فالطبل جلد فـارغ وطـنـينـه يرتاع منه ويفـرق الإنـسـان
وفي ضد هذا أقول:
لقد وصفوك لي حتى التقينـا فصار الظن حقاً في العيان
فأوصاف الجنان مقصـرات على التحقيق عن قدر الجنان
هل لاحظتم أن فعلاً حب النساء أثبت من حب الرجال أى حب أعنى الحب الناتج عن الوصف وذلك لضعفهن وسرعة استجابة طبعهن لهذا النوع وتمكنه منهن وكما نعلم أن البنت فى الغالب تحب بأذنها
لكن اعلموا يارجال أنكم الأفضل فى أنكم أقل استجابة لذلك النوع من الحب فأنا لا أحترمه