في قريتنا المعلقة كعشّ طير الحبّاك .. في قمة جبال السروات . كانت وسائل النقل الحديثه كالسيارات متوفره .. لكنها لم تكن تغني عن رفاق الدرب ( الحمير ) وكانت وسائل ضبط ومعرفة الوقت الحديثه متوفره أيضا ... لكن البعض كان يحب اقتناء الديك ... لسببين أولهما ليؤنس وحشة الدجاج الذي يشترط لكي يبيض وجود رب للعائله وثانيهما كان هناك بعض المتزمتين يرفضون اقتناء الساعه أو الخرّاشه كونها صناعة كفار .. فيشتري ديكا بدلا عنها فيستفيد البيض واللحم اذا لزم الامر .. وفوقهما يكون ساعه خراشه يخبر بأوقات الصلاة والسحور فيؤذن حتى يستيقظ صاحب المنزل . أراد الله أن يشتري جارنا حمار ناصع البياض فارع الطول فاره المركب , موشى بالحناء في أنحاء جسمه وله قلقله تسمع من أطراف القريه إذا مشى ولقي ذلك الحمار حفاوة من أهل المنزل والجيران ونحن منهم . لكن لم تدم له الحفاوه , فقد كان مزعجا إلى أبعد الحدود , لايكف عن النهيق والشهيق , لا ليل ولا نهار .. مما أدى إلى تذمر كل الجيران من ذلك المخلوق العجيب , وخاصة ً جارنا الثاني مؤذن المسجد .. فقد تضرر أكثر من غيره كون نهيق الحمار مكروه ويستحب إذا سمع نهيقه أن يستعيذ المسلم بالله من الشيطان ... وكون جارنا المؤذن يسمع هذا النهيق المزعج .. فقد كان يستعيذ بالله من الشيطان في اليوم ألف مره , ويستيقظ من النوم عشرات المرات للإستعاذه .. طفح الكيل بجارنا المؤذن , فاشتكى لصاحب الحمار معاناته وطلب منه أن يبيع هذا الحمار ويستبدله أو يتدبر أمر هذا المزعج . جارنا صاحب الحمار أعتذر عن سوء سلوك حماره ووعد المؤذن أنه سينظر في الأمر ويجد له حلا . وجاءته الحلول من كل حدب ٍ وصوب ابتداءً من بيعه إلى نقل مقر سكنه إلى إيجاد رفيقة له أنثى فربما تخرسه .. ككل الاناث .. فهنّ القادرات على إخراس الذكور ...!!! جارنا أسقط في يده .. فحماره عزيزٌ عليه ويحمله وأسفاره بمقدره فائقه وأناقة مهيبه .. صعب عليه بيعه أو إبعاده عن المنزل خوفا عليه من الضباع .. وليست لديه إمكانيّة شراء رفيقة عمر له لكنه وجد أفضل الحلول في مشورة قدمت له من زوجته .. فقد أشارت بحكم التخصص . أن يضع على فمه ( غمامه ) وهي عبارة عن خيوط سميكه قليلا .. تصنع كالطربوش يحشر فيها فم الحمار وتربط بحبل خلف أذنيه .فلا يستطيع الحمار فتح فمه وبذلك ينهق مقفل الفم .. أي ينهق من بطنه .. فتقل درجة الصوت .وتنخفظ حدته . وقام جارنا بتطبيق الفكره ونجحت بامتياز يا لهذه الزوجة الرهيبه .. يبدو أنها طبقت الفكره في الزوج قبل ذلك ...!!! قطع صوت ذلك المخلوق رغم تغريده المستمر لكنه لايكاد يسمع لكن شيئا ما حدث لذلك الحمار فقد تغير سلوكه . أصبح ينهش كل من يقترب منه ويرفسه .. ولا يهدأ الا برشوةٍ تقدم له حفنة شعير أو ربطة برسيم . واستمر الحال ودخل شهر رمضان .. جارنا المؤذن فاته السحور عدة مرات فينام ولا يستيقظ ألا مع طلوع الفجر وكونه ممن يكره الساعات , فقد قرّرَ أن يشتري ديكا يوقظه للسحور وفعلا ذهب للسوق واشترى ديكا أحمر ضخم ... يختال في مشيته كزعيم . واطمأن جارنا لديكه وعلى سحوره . لكنه خذله في أول يوم ولم يوقظه ..! سأل المؤذن زوجته ما إذا كان الديك أيقظها وتكاسلت فنفت بشده وقالت لم يؤذن . قال لها لامشكله ربما لم نسمعه وربما كونه غريب .. وسيوقطنا غدا . ثاني يوم ... ثالث يوم .. رابع يوم خرِس الديك ولم ينجد صاحبه .. ما هي مصيبة هذا الديك ...؟ سأل المؤذن الجيران ... هل تسمعون أذان ديكنا قالوا لانسمع إلا أذانك ... أما ديكك فلا يؤذن .. غضب المؤذن ..
تكملة .. حمار جارنا
وإقسم للديك قائلاً حرمتني السحور أربع ليال ... والله ثم والله لأحرمنك عمرك ... لاحول ولا قوة إلا بالله . اتفق جارنا المؤذن مع زوجته أن يكون الديك وجبة إفطار وسحور لذلك اليوم . بعد صلاة الظهر حاولت ربة المنزل اصطياد الديك فعجزت بعد مطاردة رهيبه فأبلغت زوجها عن عجزها فقال دعيه لي . وهب خلف الديك ... والديك أطلق ساقيه وأجنحته للريح , فتارة ً يجري وأخرى يطير أثناء المطارده لجأ الديك لحوش جارنا صاحب الحمار فتبعه المؤذن وأقفل باب الحوش كي لايخرج الديك . واستمرت المطارده داخل الحوش .. كان الحمار مربوطا في زاوية الحوش .. مر الديك من أمامه وتوقف قليلا في الزاويه .. حاصره المؤذن فيها .. لكن حدثت المصيبه ..... دب ... دب.... وإذا بالمؤذن .. ملقى على ظهره ويرفع سبّابته .. مرددا الشهاده .. فقد رفسه الحمار رفسه ثم أخرى ..أصابته إحداها في وجهه والأخرى في بطنه ... فتمدد في ذلك الحوش وإذا بالديك يؤذن والحمار ينهق من بطنه والمؤذن يستعيذ بالله من الشيطان تاره .. ويردد أشهد ألا إله إلا الله تارة أخرى هرعت زوجته وأهل المنزل .. وإذا بحافرٍ قد رُسم على خد جارنا واختلط الضحك بالفجيعه .. وتثاقل المؤذن قائما وهو يحوقل لا حول ولا قوة إلا بالله ... لاحول ولا قوه... قالت له زوجة جاره صاحب الحمار بسخريه . هذا كبرك ولا تعرف تصطاد ديك رمقها بنظرة غيض .. وقال والله لو انك زوجتي لوضعت لك .. غمامه كغمامة حماركم لا بارك الله فيك ولا في حماركم ولا في الديك.. خذي الديك لا أريده.. واعملي له غمامه كحمارك ِ لابارك الله لك ... ضحكت بسخريه وقالت للمؤذن شكرا واردفت .. يا عم .. أنا أصحيكم للسحور ....! خرج المؤذن متكئا على زوجته وهو يردد لا بارك فيك ولا في حمارك ِ . انتهى أرجو لكم ابتسامة جميله